الكتاب : السفر وأحكامه في ضوء الكتاب والسنة
المؤلف : سعيد بن علي بن وهب القحطاني
الطبعة : الأولى
الناشر : وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية
تاريخ النشر : 1422هـ
عدد الصفحات : 112
عدد الأجزاء : 1
مصدر الكتاب : منتديات الابتسامة الجميلة ***المرجو عدم نسخ الموضوع اعلم ان الله يراك***
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد للّه , نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا , وسيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , ومن يُضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله , صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين , وسلم تسليما كثيرا , أما بعد :
(1/1)
--------------------------------------------------------------------------------
فهذه رسالة مختصرة في " صلاة المسافر " بينت فيها : مفهوم السفر والمسافر , وأنواع السفر , وآدابه , والأصل في قصر الصلاة في السفر , وأنه أفضل من الإتمام , ومسافة قصر الصلاة في السفر , وأن المسافر يقصر إذا خرج عن جميع عامر بيوت قريته , ومدة إقامة المسافر التي يقصر فيها الصلاة , وقصر الصلاة في منى لأهل مكة وغيرهم من الحجاج , وجواز التطوع على المركوب في السفر , وأن السنة ترك الرواتب في السفر إلا سنة الفجر والوتر , وحكم صلاة المقيم خلف المسافر , والمسافر خلف المقيم , وحكم نية القصر والجمع والموالاة بين الصلاتين المجموعتين , ورخص السفر , وأحكام الجمع , وأنواعه , ودرجاته , سواء كان ذلك في السفر أو الحضر , وقد استفدت كثيرا من تقريرات وترجيحات شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز - رحمه الله - ورفع الله درجاته في جنات النعيم .
(1/2)
--------------------------------------------------------------------------------
والله أسأل أن يجعل هذا العمل مقبولا عنده , مباركا خالصا لوجهه الكريم , وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي , وأن ينفع به كل من انتهى إليه , فإنه تعالى خير مسؤول وأكرم مأمول , وهو حسبنا ونعم الوكيل . وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
المؤلف
حرر في ليلة السبت الموافق 29 / 12 / 1421هـ
(1/3)
--------------------------------------------------------------------------------
أولا : مفهوم السفر , والمسافر :
السُّفْرُ : جمع سافر , والمسافرون : جمع مسافر , والسفر والمسافرون بمعنىً . وسُمِّي المسافر مسافرا ؛ لكشفه قناع الكنِّ عن وجهه , ومنازل الحضَرِ عن مكانه , ومنزل الخفض عن نفسه , وبروزه إلى الأرض الفضاء , وسمي السفر سفرا ؛ لأنه يسفر عن وجوه المسافرين وأخلاقهم , فيظهر ما كان خافيا منها (1) , فظهر أن السفر : قطع المسافة سمي بذلك ؛ لأنه يسفر عن أخلاق الرجال , ومنه قولهم : سفرت المرأة عن وجهها : إذا أظهرته , والسفر هو الخروج عن عمارة موطن الإقامة قاصدا مكانا يبعد مسافة يصحُّ فيها قصر الصلاة (2) .
_________
(1) لسان العرب لابن منظور , باب الراء , فصل السين , 4 / 368 . وقيل : السفر لغة : قطع المسافة , وشرعا : هو الخروج على قصد مسيرة ثلاثة أيام ولياليها فما فوقها بسير الإبل ومشي الأقدام . التعريفات للجرجاني ص 157 , وقال : المسافر هو من قصد سيرا وسطا ثلاثة أيام ولياليها , وفارق بيوت بلده , التعريفات للجرجاني , ص 266 .
(2) معجم لغة الفقهاء , للدكتور محمد رواس , ص 219 .
(1/4)
--------------------------------------------------------------------------------
ثانيا : أنواع السفر على النحو الآتي :
1 - سفرٌ حرام , وهو أن يسافر لفعل ما حرمه الله أو حرمه رسوله صلى الله عليه وسلم , مثل : من يسافر للتجارة في الخمر , والمحرمات , وقطع الطريق , أو سفر المرأة بدون محرم (1) .
2- سفر واجب , مثل : السفر لفريضة الحج , أو السفر للعمرة الواجبة , أو الجهاد الواجب .
3- سفر مستحب , مثل : السفر للعمرة غير الواجبة , أو السفر لحج التطوع , أو جهاد التطوع .
4- سفر مباح , مثل : السفر للتجارة المباحة , وكل أمر مباح .
5- سفر مكروه , مثل : سفر الإنسان وحده بدون رفقة إلا في أمر لا بد منه (2) ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : « لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده » (3) .
فهذه أنواع السفر التي ذكرها أهل العلم , فيجب على كل مسلم أن لا يسافر إلى سفر محرم , وينبغي له أن لا يتعمد السفر المكروه , بل يقتصر في جميع أسفاره على السفر الواجب , والمستحب , والمباح (4) .
_________
(1) انظر : المغني لابن قدامة 3 / 115 , والشرح الممتع لابن عثيمين رحمه الله , 4 / 492 .
(2) انظر : المغني لابن قدامة , 3 / 114- 117 , والشرح الممتع للعلامة ابن عثيمين , 4 / 491-492 .
(3) البخاري , كتاب الجهاد والسير , باب السير وحده , برقم 2998 , من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .
(4) اختلف العلماء في نوع السفر الذي تختص به رخص السفر : من القصر , والجمع , والفطر , والمسح على الخفين والعمائم ثلاثة أيام , والصلاة على الراحلة تطوعا على أقوال : 1- فقيل : رخص السفر : من القصر , والجمع , والفطر في رمضان , والمسح ثلاثا , والصلاة على الراحلة تطوعا تكون في السفر الواجب , والمندوب , والمباح , أما السفر المحرم والمكروه فلا تباح فيه هذه الرخص . 2- وقيل : لا يقصر إلا في الحج والعمرة والجهاد ؛ لأن الواجب لا يترك إلا لواجب , أما السفر المباح والمحرم والمكروه فلا . 3- وقيل : لا يقصر إلا في سفر الطاعة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قصر في سفر واجب أو مندوب . 4- وذهب الإمام أبو حنيفة وشيخ الإسلام ابن تيمية , وجماعة كثيرة من العلماء إلى أنه يجوز القصر حتى في السفر المحرم , قال شيخ الإسلام ابن تيمية : « والحجة مع من جعل القصر والفطر مشروعا في جنس السفر ولم يخص سفرا دون سفر , وهذا القول هو الصحيح , فإن الكتاب والسنة قد أطلقا السفر » . مجموع الفتاوى , 24 / 109 , وانظر : المغني لابن قدامة , 3 / 115- 117 , والاختيارات العلمية , من الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية , ص 110 , والكافي لابن قدامة , 1 / 447 , والشرح الكبير المطبوع مع المقنع , 5 / 30 , والإنصاف للمرداوي المطبوع مع الفتح والشرح الكبير , 5 / 34 , والشرح الممتع لابن عثيمين , 4 / 493 , والفتاوى له , 15 / 260 , 274- 281 .
(1/5)
--------------------------------------------------------------------------------
1- يستخير الله سبحانه في الوقت , والراحلة , والرفيق , وجهة الطريق إن كثرت الطرق , ويستشير في ذلك أهل الخبرة والصلاح . أما الحج ؛ فإنه خير لا شك فيه . وصفة الاستخارة أن يصلي ركعتين ثم يدعو بالوارد . (1) .
_________
(1) انظر الاستخارة في البخاري 7 / 162 وحصن المسلم ص 45 للمؤلف .
(1/6)
--------------------------------------------------------------------------------
2- يجب على الحاج والمعتمر أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله تعالى , والتقرب إليه , وأن يحذر أن يقصد حطام الدنيا , أو المفاخرة , أو حيازة الألقاب , أو الرياء والسمعة ؛ فإن ذلك سبب في بطلان العمل وعدم قبوله . قال سبحانه : { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }{ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } (1) . { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } (2) والمسلم هكذا لا يريد إلا وجه الله والدار الآخرة : { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا } (3) وفي الحديث القدسي : « أنا أغنى الشركاء عن الشرك , من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه » (4) .
_________
(1) سورة الأنعام , الآيتان : 162 , 163 .
(2) سورة الكهف , الآية : 110 .
(3) سورة الإسراء , الآية : 18 .
(4) مسلم , كتاب الزهد والرقائق , باب من أشرك في عمله غير الله , برقم 2985 .
(1/7)
--------------------------------------------------------------------------------
وقد خاف النبي صلى الله عليه وسلم على أمته من الشرك الأصغر : « إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر فسُئل عنه فقال : الرياء » (1) وقال صلى الله عليه وسلم : « من سمَّع سمَّع الله به , ومن يرائي يرائي الله به » (2) . { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ } (3) .
_________
(1) أحمد في المسند 5 / 428 وحسنه الألباني في صحيح الجامع 2 / 45 .
(2) متفق عليه من حديث جندب رضي الله عنه : البخاري , كتاب الرقاق , باب الرياء والسمعة , برقم 6499 , ومسلم , كتاب الزهد والرقائق , باب من أشرك في عمله غير الله , برقم 2987 .
(3) سورة البينة , الآية : 5 .
(1/8)
--------------------------------------------------------------------------------
3- على الحاج والمعتمر التفقه في أحكام العمرة والحج , وأحكام السفر قبل أن يسافر : من القصر , والجمع , وأحكام التيمم , والمسح على الخفين , وغير ذلك مما يحتاجه في طريقه إلى أداء المناسك , قال صلى الله عليه وسلم : « من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين » (1) .
_________
(1) البخاري , من حديث معاوية رضي الله عنه , كتاب العلم , باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين برقم 71 .
(1/9)
--------------------------------------------------------------------------------
4- التوبة من جميع الذنوب والمعاصي , سواء كان حاجا أو معتمرا أو غير ذلك فتجب التوبة من جميع الذنوب والمعاصي , وحقيقة التوبة : الإقلاع عن جميع الذنوب وتركها , والندم على فعل ما مضى منها , والعزيمة على عدم العودة إليها , وإن كان عنده للناس مظالم ردها وتحللهم منها , سواء كانت : عرضا أو مالا أو غير ذلك , من قبل أن يُؤخذ لأخيه من حسناته , فإن لم يكن له حسنات أُخِذَ من سيئات أخيه فطرحت عليه (1) .
_________
(1) انظر : سورة النور , الآية : 31 , والبخاري , كتاب الرقاق , باب القصاص يوم القيامة , برقم 6534 , 6535 .
(1/10)
--------------------------------------------------------------------------------
5- على الحاج أو المعتمر أن ينتخب المال الحلال لحجه وعمرته ؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ؛ ولأن المال الحرام يسبب عدم إجابة الدعاء (1) . « وأيما لحم نبت من سحت فالنار أولى به » (2) .
_________
(1) انظر : صحيح مسلم , كتاب الزكاة , باب قبول الصدقة من الكسب الطيب , برقم 1015.
(2) أبو نعيم في الحلية بنحوه 1 / 31 , وأحمد في الزهد بمعناه ص 164 , وفي المسند 3 / 321 , والدارمي 2 / 229 , وغيرهم وصححه الألباني في صحيح الجامع 4 / 172 , وانظر : فتح الباري 3 / 113 .
(1/11)
--------------------------------------------------------------------------------
6- يستحب للمسافر أن يكتب وصيته , وما له وما عليه فالآجال بيد الله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } (1) وقال صلى الله عليه وسلم : « ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده » (2) ويُشهد عليها , ويقضي ما عليه من الديون , ويرد الودائع إلى أهلها أو يستأذنهم في بقائها .
_________
(1) سورة لقمان , الآية : 34.
(2) متفق عليه من حديث ابن عمر- رضي الله عنهما - : البخاري , كتاب الوصايا , باب الوصايا , برقم 2738 , ومسلم , كتاب الوصية , برقم 1627 .
(1/12)
--------------------------------------------------------------------------------
7- يستحب للمسافر أن يوصي أهله بتقوى الله تعالى , وهي وصية الله تعالى للأولين والآخرين { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا } (1) .
_________
(1) سورة النساء , الآية : 131 .
(1/13)
--------------------------------------------------------------------------------
8- يستحب للمسافر أن يجتهد في اختيار الرفيق الصالح , ويحرص أن يكون من طلبة العلم الشرعي ؛ فإن هذا من أسباب توفيقه وعدم وقوعه في الأخطاء في سفره وفي حجه وعمرته , « الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل » (1) , « لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي » (2) .
, وقد مثل النبي صلى الله عليه وسلم « الجليس الصالح بحامل المسك والجليس السوء بنافخ الكير » (3) .
_________
(1) أبو داود , كتاب الأدب , باب من يؤمر أن يجالس , برقم 4833 , وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود , 3 / 188 .
(2) أبو داود , كتاب الأدب , باب من يؤمر أن يجالس , برقم 4832 , والترمذي , كتاب الزهد , باب ما جاء في صحبة المؤمن , برقم 2395 , وحسنه الألباني في صحيح أبي داود , برقم 4832 , وصحيح الترمذي برقم 2519 .
(3) متفق عليه من حديث أبي موسى رضي الله عنه : البخاري , كتاب الذبائح والصيد , باب المسك , برقم 5534 , ومسلم , كتاب البر والصلة , باب استحباب مجالسة الصالحين , ومجانبة قرناء السوء , برقم 2628 .
(1/14)
--------------------------------------------------------------------------------
9- يستحب للمسافر أن يودع أهله , وأقاربه , وأهل العلم : من جيرانه , وأصحابه , قال صلى الله عليه وسلم : « من أراد سفرا فليقل لمن يخلِّف : أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه » (1) , وكان النبي صلى الله عليه وسلم يودع أصحابه إذا أراد أحدهم سفرا فيقول : « أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك » (2) , وكان صلى الله عليه وسلم يقول لمن طلب منه أن يوصيه من المسافرين : « زودك الله التقوى , وغفر ذنبك , ويسَّر لك الخير حيث ما كنت » (3) . « وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريد سفرا فقال : يا رسول الله أوصني , فقال : أوصيك بتقوى الله والتكبير على كل شرف , فلما مضى قال : اللهم ازوِ له الأرض , وهوِّن عليه السفر » (4) .
_________
(1) أحمد 2 / 403 , ابن ماجه , الجهاد , باب تشييع الغزاة ووداعهم , برقم 2825 , وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم 16 , 2547 , وصحيح سنن ابن ماجه 2 / 133 .
(2) أبو داود , كتاب الجهاد , باب في الدعاء عند الوداع , برقم 2600 , والترمذي , كتاب الدعوات , باب ما جاء فيما يقول إذا ودع إنسانا , برقم 3442 , وصححه الألباني في صحيح الترمذي 3 / 155 .
(3) الترمذي , كتاب الدعوات , باب ما يقول إذا ودع إنسانا , برقم 3444 , وقال الألباني في صحيح سنن الترمذي , 3 / 419 « حسن صحيح » .
(4) الترمذي , كتاب الدعوات , باب منه وصيته صلى الله عليه وسلم المسافر بتقوى الله والتكبير على كل شرف , برقم 3445 , وابن ماجه , كتاب الجهاد , باب فضل الحرس والتكبير في سبيل الله , برقم 2771 . وأحمد , والحاكم , وحسنه الألباني في صحيح الترمذي 3 / 156 , وصحيح ابن ماجه 2 / 124 , وصحيح ابن خزيمة 4 / 149 .
(1/15)
--------------------------------------------------------------------------------
10- يستحب له أن يخرج للسفر يوم الخميس من أول النهار ؛ لفعله صلى الله عليه وسلم . قال كعب بن مالك رضي الله عنه : « لقلَّما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إذا خرج في سفر إلا يوم الخميس » (1) ودعا لأمته صلى الله عليه وسلم بالبركة في أول النهار فقال : « اللهم بارك لأمتي في بكورها » (2) .
_________
(1) البخاري , كتاب الجهاد , باب من أراد غزوة فورَّى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس , برقم 2948 .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد , باب في الابتكار في السفر (رقم 2606) , والترمذي في كتاب البيوع , باب ما جاء في التبكير بالتجارة (رقم 1212) , وابن ماجه في كتاب التجارات , باب ما يرجى من البركة في البكور (رقم 2236) , وأحمد في مسنده (1 / 154 , 3 / 416) , قال أبو عيسى : حديث حسن , وصححه الألباني في صحيح أبي داود , 2 / 494 , وصحيح الترمذي , 2 / 7- 8 .
(1/16)
--------------------------------------------------------------------------------
11- يستحب له أن يدعو بدعاء الخروج من المنزل فيقول عند خروجه : « بسم الله توكلت على الله , ولا حول ولا قوة إلا بالله (1) اللهم إني أعوذ بك أن أضِلَّ أو أُضَلَّ , أو أزلَّ أو أُزَلَّ , أو أَظلِمَ أو أُظلَمَ , أو أَجْهلَ أو يُجهلَ عليَّ » (2) .
_________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب , باب ما يقول إذا خرج من بيته (رقم 5095) , والترمذي في كتاب الدعوات , باب ما يقول إذا خرج من بيته (رقم 3426) , وقال : هذا حديث حسن صحيح غريب , وصححه الألباني في صحيح الترمذي , 3 / 410 , وصحيح أبي داود , 3 / 959.
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب , باب ما يقول إذا خرج من بيته (رقم 5094) , والترمذي في كتاب الدعوات , باب منه (رقم 3427) والنسائي في كتاب الاستعاذة , باب الاستعاذة من دعاء لا يستجاب (رقم 5536) , وابن ماجه في كتاب الدعوات , باب ما يدعو الرجل إذا خرج من بيته (رقم 3884) , وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح , وصححه الألباني في صحيح أبي داود , 3 / 959 , وصحيح الترمذي , 3 / 410 - 411 .
(1/17)
--------------------------------------------------------------------------------
12- يستحب له أن يدعو بدعاء السفر , إذا ركب دابته , أو سيارته , أو الطائرة , أو غيرها من المركوبات فيقول : « الله أكبر , الله أكبر , الله أكبر { سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ }{ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ } (1) اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى , ومن العمل ما ترضى , اللهم هوِّن علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده , اللهم أنت الصاحب في السفر , والخليفة في الأهل , اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر , وكآبة المنظر , وسوء المنقلب : في المال , والأهل » . وإذا رجع من سفره قالهن وزاد فيهن « آيبون , تائبون , عابدون , لربنا حامدون » (2) .
_________
(1) سورة الزخرف , الآيتان : 13 , 14.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الحج , باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره ( رقم 1342 ) .
(1/18)
--------------------------------------------------------------------------------
13- يستحب له أن لا يسافر وحده بلا رفقة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : « لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده » (1) وقال صلى الله عليه وسلم : « الراكب شيطان , والراكبان شيطانان , والثلاثة ركب » (2) .
_________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير , باب البر وحده (رقم 2998 ) .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد , باب في الرجل يسافر وحده (رقم 2607) , والترمذي في كتاب الجهاد , باب ما جاء في كراهية أن يسافر الرجل وحده (رقم 1674) وقال : حديث حسن صحيح . وأحمد في مسنده (2 / 186 , 214) , والحاكم في المستدرك (2 / 102) وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي , وحسنه الألباني في الصحيحة (رقم 62) وصحيح الترمذي 2 / 245 .
(1/19)
--------------------------------------------------------------------------------
14- يؤمّر المسافرون أحدهم , ليكون أجمع لشملهم , وأدعى لاتفاقهم , وأقوى لتحصيل غرضهم , قال صلى الله عليه وسلم : « إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم » (1) .
_________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد , باب في القوم يسافرون يؤمرون أحدهم (رقم 2608 , 2609) وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود , 2 / 494 , 495 .
(1/20)
--------------------------------------------------------------------------------
15- يستحب إذا نزل المسافرون منزلا أن ينضم بعضهم إلى بعض , فقد كان بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزلوا منزلا تفرقوا في الشعاب والأودية فقال صلى الله عليه وسلم : « إنما تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان » (1) فكانوا بعد ذلك ينضم بعضهم إلى بعض حتى لو بسط عليهم ثوب لوسعهم .
_________
(1) أبو داود , كتاب الجهاد , باب ما يؤمر من انضمام العسكر وسعته , برقم 2628 , وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود , 2 / 130 .
(1/21)
--------------------------------------------------------------------------------
16- يستحب إذا نزل منزلا في السفر أو غيره من المنازل أن يدعو بما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم : « أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ؛ فإنه إذا قال ذلك لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك » (1) .
_________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار , باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره (رقم 2709 ) .
(1/22)
--------------------------------------------------------------------------------
17- يستحب له أن يكبّر على المرتفعات ويسبّح إذا هبط المنخفضات والأودية , قال جابر رضي الله عنهما : « كنا إذا صعدنا كبرنا , وإذا نزلنا سبحنا » (1) ولا يرفعوا أصواتهم بالتكبير قال صلى الله عليه وسلم : « يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم ؛ فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنه معكم إنه سميع قريب » (2) .
_________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير , باب التسبيح إذا هبط واديا (رقم 2993) .
(2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير , باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير (رقم 2992) , ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار , باب استحباب خفض الصوت بالذكر (رقم 2704) .
(1/23)
--------------------------------------------------------------------------------
18- يستحب له أن يدعو بدعاء دخول القرية أو البلدة فيقول إذا رآها : « اللهم رب السماوات السبع وما أظللن , ورب الأرضين السبع وما أقللن , ورب الشياطين وما أضللن , ورب الرياح وما ذرين , أسألك خير هذه القرية وخير أهلها , وخير ما فيها , وأعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها » (1) .
_________
(1) أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (رقم 544) , وابن السني في عمل اليوم والليلة (رقم 524) , وابن حبان كما في موارد الظمآن (رقم 2377) , وابن خزيمة في صحيحه (رقم 2565) , والحاكم في المستدرك (1 / 446 , 2 / 100) , وصححه ووافقه الذهبي , وحسنه الحافظ ابن حجر . وقال الهيثمي في مجمع الزوائد : (10 / 137) : رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن . وقال ابن باز رحمه الله في تحفة الأخيار : رواه النسائي بإسناد حسن ص 37 .
(1/24)
--------------------------------------------------------------------------------
19- يستحب له السير أثناء السفر في الليل وخاصة أوله ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : « عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل » (1) .
_________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد , باب في الدلجة (رقم 2571) , والحاكم في مستدركه (1 / 445) وقال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه , ووافقه الذهبي , والبيهقي في سننه الكبرى (5 / 256) , وصححه الألباني في الصحيحة (رقم 681) , وفي صحيح سنن أبي داود , 2 / 469 .
(1/25)
--------------------------------------------------------------------------------
20 - يستحب له أن يقول في السَّحَر إذا بدا له الفجر : « سمّع سامع بحمد الله وحسن بلائه علينا . ربنا صاحبنا , وأفضل علينا عائذا بالله من النار » (1) .
_________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار , باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل (رقم 2718) .
(1/26)
--------------------------------------------------------------------------------
21- يستحب له أن يكثر من الدعاء في السفر ؛ فإنه حريٌّ بأن تجاب دعوته , ويُعطى مسألته ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : « ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن : دعوة المظلوم , ودعوة المسافر , ودعوة الوالد على ولده » (1) , ويكثر الحاج من الدعاء كذلك على الصفا والمروة , وفي عرفات , وفي المشعر الحرام بعد الفجر , وبعد رمي الجمرة الصغرى والوسطى أيام التشريق ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر في هذه المواطن الستة من الدعاء ورفع يديه (2) .
_________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الوتر , باب الدعاء بظهر الغيب (رقم 1536) , والترمذي في كتاب البر والصلة , باب ما جاء في دعوة الوالدين (رقم 1905) , وابن ماجه في كتاب الدعاء , باب دعوة الوالد ودعوة المظلوم (رقم 3862) , وأحمد , 3 / 258 , وحسنه الألباني في صحيح الترمذي 4 / 344 , وغيره .
(2) انظر : زاد المعاد لابن القيم 2 / 227 , 286 .
(1/27)
--------------------------------------------------------------------------------
22- يأمر بالمعروف , وينهى عن المنكر على حسب طاقته وعلمه , ولابد من أن يكون على علم وبصيرة فيما يأمر وفيما ينهى عنه , ويلتزم الرفق واللين , ولا شك أنه يُخشى على من لم ينكر المنكر أن يعاقبه الله عز وجل بعدم قبول دعائه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : « والذي نفسي بيده لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر أو ليوشكنَّ الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم » (1) .
_________
(1) أخرجه الترمذي , كتاب الفتن , باب ما جاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , برقم 2169 , وابن ماجه , وأحمد , 5 / 388 , وحسنه الترمذي , وصححه الألباني في صحيح الترمذي , 2 / 460 .
(1/28)
--------------------------------------------------------------------------------
23- يبتعد عن جميع المعاصي , فلا يؤذي أحدا بلسانه , ولا بيده , ولا يزاحم الحجاج والمعتمرين زحاما يؤذيهم , ولا ينقل النميمة ولا يقع في الغيبة , ولا يجادل مع أصحابه وغيرهم إلا بالتي هي أحسن , ولا يكذب , ولا يقول على الله ما لا يعلم , وغير ذلك من أنواع المعاصي والسيئات قال سبحانه : { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ } (1) . { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } (2) . والمعاصي في الحرم ليست كالمعاصي في غيره , قال سبحانه : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } (3) .
_________
(1) سورة البقرة , الآية : 198.
(2) سورة الأحزاب , الآية : 58.
(3) سورة الحج , الآية : 25 .
(1/29)
--------------------------------------------------------------------------------
24- يحافظ على جميع الواجبات , ومن أعظمها الصلاة في أوقاتها مع الجماعة , ويكثر من الطاعات : كقراءة القرآن , والذكر والدعاء , والإحسان إلى الناس بالقول والفعل , والرفق بهم , وإعانتهم عند الحاجة . قال صلى الله عليه وسلم : « مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى » (1) .
_________
(1) متفق عليه : البخاري , كتاب الأدب , باب رحمة الناس والبهائم , برقم 6011 , ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب , باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم (رقم 2586) .
(1/30)
--------------------------------------------------------------------------------
25- يتخلق بالخلق الحسن , ويخالق به الناس , والخلق الحسن يشمل : الصبر , والعفو , والرفق , واللين , والحلم , والأناة وعدم العجلة في الأمور , والتواضع , والكرم والجود , والعدل , والثبات , والرحمة , والأمانة , والزهد والورع , والسماحة والوفاء , والحياء , والصدق , والبر والإحسان , والعفة , والنشاط والمروءة . ولعظم فضل حسن الخلق قال صلى الله عليه وسلم : « أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا » . . (1) , « إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم » (2) .
_________
(1) أخرجه أبو داود في كتاب السنة , باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه (رقم 4682) , والترمذي في كتاب الرضاع , باب ما جاء في حق المرأة على زوجها (رقم 1162) وقال : حديث حسن صحيح . وأحمد في مسنده (2 / 250 ,472) , والحاكم في مستدركه (1 / 3) وقال : صحيح على شرط مسلم . ووافقه الذهبي . وصححه الألباني في الصحيحة (رقم 284) وصحيح الترمذي 1 / 594 .
(2) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب , باب في حسن الخلق (رقم 4798) , وصححه الألباني في صحيح أبي داود (3 / 911) وفي صحيح الجامع (رقم 1932 ) .
(1/31)
--------------------------------------------------------------------------------
26- يعين الضعيف , والرفيق في السفر : بالنفس , والمال , والجاه , ويواسيهم بفضول المال وغيره مما يحتاجون إليه , فعن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال : « من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له , ومن كان معه فضل زاد فليعد به على من لا زاد له , فذكر من أصناف المال حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل » (1) وعن جابر رضي الله تعالى عنه قال : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلف في المسير فيزجي الضعيف (2) , ويردف , ويدعو لهم » (3) وهذا يدل على رأفته صلى الله عليه وسلم وحرصه على مصالحهم ؛ ليقتدي به المسلمون عامة , والمسؤولون خاصة .
_________
(1) أخرجه مسلم في كتاب اللقطة , باب استحباب المؤاساة بفضول المال (رقم 1728) .
(2) ومعنى يزجي الضعيف : أي يسوقه ويدفعه حتى يلحق بالرفاق . انظر : النهاية في غريب الحديث لابن الأثير , 2 / 297 .
(3) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد , باب في لزوم الساقة (رقم 2639) , والحاكم في المستدرك (2 / 115) وقال : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه . ووافقه الذهبي . وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2 / 500) وفي الصحيحة (رقم 2120) .
(1/32)
--------------------------------------------------------------------------------
27- أن يتعجل في العودة ولا يطيل المكث في السفر لغير حاجة لقوله صلى الله عليه وسلم : « السفر قطعة من العذاب , يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه , فإذا قضى أحدكم نهمته فليعجل إلى أهله » (1) .
_________
(1) أخرجه البخاري في كتاب العمرة , باب السفر قطعة من العذاب (رقم 1804) , ومسلم في كتاب الإمارة , باب السفر قطعة من العذاب واستحباب تعجيل المسافر إلى أهله بعد قضاء شُغله (رقم 1927) , والنهمة : هي الحاجة .
(1/33)
--------------------------------------------------------------------------------
28- يستحب له أن يقول أثناء رجوعه من سفره ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم « أنه كان إذا قفل من غزو , أو حج , أو عمرة , يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات ثم يقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير , آيبون , تائبون , عابدون , ساجدون , لربنا حامدون , صدق الله وعده , ونصر عبده , وهزم الأحزاب وحده » (1) .
_________
(1) أخرجه البخاري في كتاب العمرة , باب ما يقول إذا رجع من الحج (رقم 1797) , ومسلم في كتاب الحج , باب ما يقول إذا قفل من سفر الحج وغيره (رقم 1344) .
(1/34)
--------------------------------------------------------------------------------
29- يستحب له إذا رأى بلدته أن يقول : « آيبون , تائبون , عابدون , لربنا حامدون » . ويردد ذلك حتى يدخل بلدته ؛ لفعله صلى الله عليه وسلم (1) .
_________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الحج , باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره (رقم 1342) .
(1/35)
--------------------------------------------------------------------------------
30- لا يقدم على أهله ليلا إذا أطال الغيبة لغير حاجة إلا إذا بلَّغهم بذلك وأخبرهم بوقت قدومه ليلا ؛ لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك , قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : « نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يطرق (1) الرجل أهله ليلا » (2) ومن الحكمة في ذلك ما فسرته الرواية الأخرى « حتى تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة » , وفي أخرى : « نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلا يتخونهم أو يلتمس عثراتهم » (3) .
_________
(1) لا يطرق أهله : أي لا يدخل عليهم ليلا إذا قدم من سفر .
(2) أخرجه البخاري في كتاب العمرة , باب لا يطرق أهله إذا بلغ المدينة (رقم 1801) , ومسلم في كتاب الإمارة , باب كراهة الطروق وهو الدخول ليلا لمن ورد من سفر (رقم 1928 / 184) .
(3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة , باب كراهة الطروق وهو الدخول ليلا لمن ورد من سفر (رقم 1928 / 184) .
(1/36)
--------------------------------------------------------------------------------
31- يستحب للقادم من السفر أن يبتدئ بالمسجد الذي بجواره ويصلي فيه ركعتين ؛ لفعله صلى الله عليه وسلم فإنه « كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين » (1) .
_________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة , باب الصلاة إذا قدم من سفر بعد الحديث رقم 443 , ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها , باب استحباب الركعتين في المسجد لمن قدم من سفر أول قدومه (رقم 716) .
(1/37)
--------------------------------------------------------------------------------
32- يستحب للمسافر إذا قدم من سفر أن يتلطف بالوِلْدَان من أهل بيته وجيرانه ويحسن إليهم إذا استقبلوه , فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : « لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة استقبله أُغيلمة بني عبد المطلب فحمل واحدا بين يديه والآخر خلفه » (1) وقال عبد الله بن جعفر رضي الله عنه : « كان صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر تُلُقِّي بنا , فَتُلُقِّيَ بي وبالحسن أو بالحسين فحمل أحدنا بين يديه والآخر خلفه حتى دخلنا المدينة » (2) .
_________
(1) أخرجه البخاري في كتاب العمرة , باب استقبال الحاج القادمين والثلاثة على الدابة (رقم 1798) , وفي كتاب اللباس , باب الثلاثة على الدابة (رقم 5965) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة , باب فضائل عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما (رقم 2428 / 67) وأبو داود في كتاب الجهاد , باب في ركوب ثلاثة على دابة (رقم 2566) , وابن ماجه في كتاب الأدب , باب ركوب ثلاثة على دابة (رقم 3773) وانظر فتح الباري 10 / 396) .
(1/38)
--------------------------------------------------------------------------------
33- تستحب الهدية , لما فيها من تطييب القلوب وإزالة الشحناء , ويستحب قبولها , والإثابة عليها , ويكره ردها لغير مانع شرعي ؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : « تهادوا تحابوا » (1) , والهدية سبب من أسباب المودة بين المسلمين ؛ ولهذا قال بعضهم :
هدايا الناس بعضهم لبعض ... تولد في قلوبهم الوصالا
وقد ذُكِرَ أن أحد الحجاج عاد إلى أهله فلم يقدِّم لهم شيئا فغضب واحد منهم وأنشد شعرا فقال :
كأن الحجيج الآن لم يقربوا منى ... ولم يحملوا منها سواكا ولا نعلا
أتونا فما جادوا بعود أراكة ... ولا وضعوا في كف طفل لنا نقلا (2) .
ومن أجمل الهدايا ماء زمزم ؛ لأنها مباركة قال صلى الله عليه وسلم في ماء زمزم : « إنها مباركة , إنها طعام طعم [ وشفاء سقم ] » (3) .
وعن جابر رضي الله عنه يرفعه : « ماء زمزم لما شُرِبَ له » (4) ويُذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم « كان يحمل ماء زمزم في الأداوي والقرب , فكان يصب على المرضى ويسقيهم » (5) .
_________
(1) أخرجه أبو يعلى في مسنده (رقم 6148) , والبيهقي في سننه الكبرى (6 / 169) وفي شعب الإيمان (رقم 8976) , والبخاري في الأدب المفرد (رقم 594) , وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (3 / 70) إسناده حسن . وكذا حسنه الألباني في إرواء الغليل (رقم 1601) .
(2) انظر : المنهاج للمعتمر والحاج لسعود بن إبراهيم الشريم ص 124.
(3) أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة , باب من فضائل أبو ذر رضي الله عنه (رقم 2473) , وما بين المعكوفين عند البزار , والبيهقي والطبراني وإسناده صحيح , انظر : مجمع الزوائد 3 / 286 .
(4) أخرجه ابن ماجه في كتاب المناسك , باب الشرب من زمزم (رقم 3062) , والبيهقي في السنن الكبرى (5 / 202) , وأحمد في المسند (3 / 372) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه 3 / 59 وإرواء الغليل (رقم 1123) والصحيحة (رقم 883) .
(5) أخرجه الترمذي في كتاب الحج , باب رقم 115 , (رقم 963) مختصرا , والحاكم في المستدرك (1 / 485) , وصححه الألباني في الصحيحة (رقم 883) وصحيح الجامع (رقم 4931) .
(1/39)
--------------------------------------------------------------------------------
34- إذا قدم المسافر إلى بلده استحبت المعانقة ؛ لما ثبت عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما قال أنس رضي الله عنه « كانوا إذا تلاقوا تصافحوا , وإذا قدموا من سفر تعانقوا » (1) .
_________
(1) الطبراني في الأوسط مجمع البحرين زوائد المعجمين 5 / 262 , وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8 / 36 وقال رجاله رجال الصحيح .
(1/40)
--------------------------------------------------------------------------------
35- يستحب جمع الأصحاب وإطعامهم عند القدوم من السفر ؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم , فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة نحر جزورا أو بقرة » . زاد معاذ عن شعبة عن محارب سمع جابر بن عبد الله : « اشترى مني النبي صلى الله عليه وسلم بعيرا بأوقيتين ودرهم أو درهمين فلما قدم صرارا (1) أمر ببقرة فذبحت فأكلوا منها » . . . (2) وهذا الطعام يقال له : (النقيعة) وهي طعام يتخذه القادم من السفر (3) , وهذا الحديث وما جاء في معناه يدل على إطعام الإمام والرئيس أصحابه عند القدوم من السفر وهو مستحب عند السلف (4) .
_________
(1) صرار : موضع بظاهر المدينة على ثلاثة أميال منها من جهة المشرق . فتح الباري 6 / 194.
(2) الحديث أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير , باب الطعام عند القدوم (رقم 3089) واللفظ له , ومسلم مختصرا في كتاب صلاة المسافرين وقصرها , باب استحباب الركعتين في المسجد لمن قدم من سفر أول قدومه (رقم 715 / 72) .
(3) النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير 5 / 109 , والقاموس المحيط ص 992 , وانظر : المغني لابن قدامة 1 / 191 .
(4) قاله ابن بطال كما في فتح الباري 6 / 194 .
(1/41)
--------------------------------------------------------------------------------
36- لا يصطحب معه الجرس والمزامير والكلب في السفر ؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس » (1) وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « الجرس مزامير الشيطان » (2) .
_________
(1) أخرجه مسلم , كتاب اللباس والزينة , باب كراهة الكلب والجرس في السفر , (برقم 2113) .
(2) أخرجه مسلم في كتاب اللباس والزينة , باب كراهة الكلب والجرس في السفر (رقم 2114) , وأحمد في مسنده (2 / 372) , وأبو داود في كتاب الجهاد , باب في تعليق الأجراس (رقم 2556) .
(1/42)
--------------------------------------------------------------------------------
37- إذا أراد السفر بإحدى زوجاته إن كان له أكثر من واحدة أقرع بينهن فأي زوجة وقعت عليها القرعة خرجت معه ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه » (1) وهذا هو السنة , إذا أراد أن يسافر ببعض نسائه , فالقرعة فيها راحة عظيمة (2) .
_________
(1) متفق عليه , البخاري , كتاب الهبة , باب هبة المرأة لغير زوجها , برقم 2593 , ومسلم , كتاب فضائل الصحابة , باب فضائل عائشة رضي الله عنها , برقم 2445 .
(2) سمعته من شيخنا الإمام ابن باز أثناء تقريره على صحيح البخاري الحديث رقم 2879 .
(1/43)
--------------------------------------------------------------------------------
رابعا : الأصل في قصر الصلاة في السفر : الكتاب والسنة والإجماع :
1- أما الكتاب فقول الله تعالى : { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا } (1) .
وعن يعلى بن أمية قال : قلت لعمر بن الخطاب : { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا } فقد أمن الناس , فقال : عجبت مما عجبت منه , فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : « صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته » (2) .
_________
(1) سورة النساء , الآية : 101 .
(2) مسلم , كتاب صلاة المسافرين وقصرها , باب صلاة المسافرين وقصرها , برقم 686 .
(1/44)
--------------------------------------------------------------------------------
2- وأما السنة فقد تواترت الأخبار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقصر في أسفاره : حاجًّا , ومعتمرا , وغازيا , قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : « صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لا يزيد في السفر على ركعتين , وأبا بكر , وعمر , وعثمان كذلك , رضي الله عنهم » (1) وعن عائشة رضي الله عنها قالت : « فرض الله الصلاة حين فرضها : ركعتين ركعتين في الحضر والسفر , فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر » . وفي لفظ للبخاري : « فرضت الصلاة ركعتين , ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم ففرضت أربعا وتركت صلاة السفر على الأولى » (2) .
زاد أحمد : « إلا المغرب , فإنها وتر النهار , وإلا الصبح , فإنها تطول فيها القراءة » (3) .
_________
(1) متفق عليه : البخاري , كتاب التقصير , باب من لم يتطوع في السفر دبر الصلاة برقم 1102 , ومسلم , كتاب صلاة المسافرين وقصرها , باب صلاة المسافرين وقصرها , برقم 689 .
(2) متفق عليه : البخاري , كتاب الصلاة , باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء , ؛ برقم 350 , وكتاب التقصير , باب يقصر إذا خرج من موضعه , برقم 1090 , وكتاب مناقب الأنصار باب التاريخ من أين أرخوا التاريخ برقم 3935 , ومسلم , كتاب صلاة المسافرين , باب صلاة المسافرين وقصرها , برقم 1570 .
(3) مسند أحمد 6 / 241 , وابن خزيمة برقم 305 , وابن حبان برقم 2738 .
(1/45)
--------------------------------------------------------------------------------
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : « فرض الله الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعا , وفي السفر ركعتين , وفي الخوف ركعة » (1) , وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : « صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين , وصليت مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه بمنى ركعتين , وصليت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ركعتين , فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان » . وفي لفظ : « صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين , ومع أبي بكر رضي الله عنه ركعتين , ومع عمر رضي الله عنه ركعتين , ثم تفرقت بكم الطرق , فيا ليت حظي من أربع : ركعتان متقبلتان » (2) .
3- وأما الإجماع , فقد أجمع أهل العلم على أن من سافر سفرا تقصر في مثله الصلاة : في حج , أو عمرة , أو جهاد أن له أن يقصر الرباعية فيصلها ركعتين (3) , وأجمعوا على أن لا يقصر في المغرب ولا في صلاة الصبح (4) .
_________
(1) مسلم , كتاب صلاة المسافرين وقصرها , باب صلاة المسافرين وقصرها , برقم 687 .
(2) متفق عليه : البخاري , كتاب التقصير , باب الصلاة بمنى , برقم 1084 , وكتاب الحج , باب الصلاة بمنى , برقم 1656 , ومسلم , كتاب صلاة المسافرين , باب قصر الصلاة بمنى , برقم 695 .
(3) انظر : الإجماع لابن المنذر , ص 46 , والمغني لابن قدامة , 3 / 105 .
(4) انظر : الإجماع لابن المنذر , ص 46 .
(1/46)
--------------------------------------------------------------------------------
خامسا : القصر في السفر أفضل من الإتمام ؛ لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله يحب أن تؤتى رُخصه كما يكره أن تؤتى معصيته » (1) , وفي رواية : « إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه » (2) ولكن لو أتم المسافر الصلاة الرباعية أربعا فصلاته صحيحة ولكنه خالف الأفضل ؛ لأن عائشة رضي الله عنها كانت تتم في السفر بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم , وأتم عثمان رضي الله عنه بمنى (3) , ولكن ما داوم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسفاره أفضل بلا شك (4) , وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله يقول : " أصل الصلاة ركعتان كما فرضها الله تعالى , ثم زاد فيها سبحانه في الحضر بعد الهجرة ثنتين , في العشاء , والظهر , والعصر , وبقيت صلاة السفر على حالها : الظهر , والعصر , والعشاء ركعتان , وهذا يؤيد الأصل , والمغرب والفجر بقيت على أصلها , فالقصر سنة مؤكدة , ولكن لا مانع من الإتمام في السفر , والقصر صدقة من الله , فمن صلى أربعا فلا حرج , وقد كانت عائشة رضي الله عنها تتم في السفر , وتأولت أنه لا يشق عليها , ولم ينكر عليها الصحابة , وهي من
_________
(1) أخرجه الإمام أحمد في المسند , 2 / 108 , وصححه الألباني في إرواء الغليل برقم 564 .
(2) أخرجه ابن حبان من حديث ابن عباس رضي الله عنهما , 2 / 6 9 , برقم 354 , والطبراني في المعجم الكبير , برقم 11880 , وصححه الألباني في إرواء الغليل 3 / 11 , برقم 564 .
(3) إتمام عائشة رضي الله عنها في السفر رواه مسلم , في كتاب صلاة المسافرين , باب صلاة المسافرين وقصرها , برقم 3- (685) وإتمام عثمان رضي الله عنه في منى رواه البخاري في كتاب التقصير , باب الصلاة بمنى , برقم 1084 , وكتاب الحج , باب الصلاة بمنى , برقم 1656 , ومسلم , كتاب صلاة المسافرين وقصرها , باب قصر الصلاة بمنى , برقم 695 .
(4) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : « وقد تنازع العلماء في التربيع [ في السفر ] هل هو محرم أو مكروه ؟ أو ترك الأولى ؟ أو مستحب ؟ أو هما سواء ؟ على خمسة أقوال : » أحدهما : قول من يقول : الإتمام أفضل , كقولٍ للشافعي , والثاني : قول من يسوي بينهما كبعض أصحاب مالك , والثالث : قول من يقول : القصر أفضل , كقول الشافعي الصحيح , وإحدى الروايتين عن أحمد , والرابع : قول من يقول : القصر واجب , كقول أبي حنيفة ومالك في رواية , وأظهر الأقوال : قول من يقول : إنه سنة والإتمام مكروه ؛ ولهذا لا تجب نية القصر عند أكثر العلماء : كأبي حنيفة , ومالك , وأحمد في أحد القولين عنه في مذهبه « مجموع الفتاوى , 24 / 9 , 10 , 21- 22 .
(1/47)
--------------------------------------------------------------------------------
أعلم الناس " (1) .
وإذا نسي صلاة الحضر فذكرها في السفر فعليه أن يصليها صلاة حضر تامة من غير قصر إجماعا ؛ لأن الصلاة تعيَّن عليه فعلها أربعا فلم يجز له النقصان من عددها ؛ ولأنه إنما يقضي ما فاته وقد فاته أربع , وأما إن نسي صلاة السفر فذكرها في الحضر , فقال الإمام أحمد : عليه الإتمام احتياطا , وبه قال الأوزاعي وداود , والشافعي في أحد قوليه , وقال مالك والثوري وأصحاب الرأي : يصليها صلاة سفر ؛ لأنه إنما يقضي ما فاته , ولم يفته إلا ركعتان (2) , والله عز وجل أعلم (3) , وإن نسيها في سفر وذكرها فيه أو ذكرها في سفر آخر قضاها مقصورة ؛ لأنها وجبت في السفر وفعلت فيه (4) .
_________
(1) سمعته منه أثناء تقريره على بلوغ المرام , على الأحاديث ذات الأرقام 452 , 453 , 454 , 455 , وقال على حديث عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر في السفر ويتم ويصوم ويفطر قال أهل العلم : ليس بمحفوظ , بل هو شاذ , والمحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم في السفر أنه كان يقصر , فقد خالفت هذه الرواية رواية الثقات كأنس وغيره , لكن فعل عائشة يدل على الجواز كما تقدم , ولكن ما سار عليه النبي صلى الله عليه وسلم هو أولى وأفضل , وقد كان عثمان يقصر ثم أتم بعد ذلك , وصلى معه بعض أصحابه .
(2) المغني لابن قدامة , 3 / 141- 142 , والإنصاف في عرفة الراجح من الخلاف المطبوع مع المقنع والشرح الكبير , 5 / 53- 54 , وحاشية الروض المربع لابن قاسم , 2 / 387 .
(3) اختار العلامة محمد بن صالح العثيمين أن الراجح فيمن نسي صلاة سفر فذكرها في حضر صلاها قصرا , لأنها صلاة وجبت عليه في سفر وصلاة السفر مقصورة فلا يلزمه إتمامها , وعلى هذا فللمسألة أربع صور : 1- ذكر صلاة سفر في سفر , يق